سَامِحِينَا يَا فِلَسْطِينُ لقد كنا نملك دموعا نَذْرِفُها عليك .. كلما أصابتك محنة أونزلت بك بلية ..
كنا نملك دموعا غزيرة كلما رأينا دماءك تنزف، وأشلائك تتناثر ...
كنا نتابع أخبارك باهتمام، ونرمقك بشغف وحرقة .. كنتِ يا فلسطين مرمىبصرنا، وقيد عِيانِنا ..
كنا ندعو لك في الصلوات، ونخطب عنك في الجمعات، فتضجالأصوات بالبكاء، كلما ذُكرتِ على المنابر وترتفع بالدعاء لك الحناجر ..
كنانحضر الندوات ونسمع المحاضرات، التي تُلقى لتوعية المسلمين بما يُكاد لك منالصهاينة والصليبيين ..
كنت يا فلسطين حاضرة معنا في سويداء قلوبنا.. كنا لك كمايكون بين القريب والنسيب، من إيصال الحبل وانتظام العقد ..
سامحينا يا فلسطين ..
أما دموعنا فقد جفت .. وقلوبنا فقد قست .. ومشاعرنا فقد تبلدت ..
فقدألفت أبصارنا مناظر الدماء .. وصور الأشلاء فلم تعد تُهيّج فينا الآلام وتبعث فيناالأحزان ..
فأنهار الدماء تفجرت وانساحت إلى بغداد وكابول وكشمير والصومالوالشيشان، واتسعت رقعة الدمار، وتشعبت ساحات القتل، فلم يعد لفلسطين الجريحةالمكلومة ، ذلك الموضع الدافئ في قلوبنا..
سامِحينا يا فلسطين .. كان أبناؤكاليتامى هم أبناءَنا ونساؤك الأرامل هنّ أخواتِنا .. فلمّا فُتحت القنوات وراجتالفضائيات ونُقلت الصور الداميات واللقطات المرعبات وصارت تلك المشاهد تتصدرالأخبار وتتكرر في الليل والنهار، تبلدت الأحاسيس ، وألفت الذلة والعيشالخسيس..
سامِحينا يا فلسطين .. كنا منذ خمسين سنة فقط، نستطيع أن نتسلل إلىأراضيك للجهاد .. ونجد العدة والعتاد، ونذب عن عرضك بالأرواح والمهج ..
كنا رغمفقرنا.. نؤثرك على أنفسنا ونرسل لك بشيء من دراهمنا ..
كنا رغم بلاء الاستعمارالذي كان يجثم على أراضينا .. نؤسس الهيئات التي تدافع عن قضيتك، ونرفع الأصواتالتي تطالب باستقلالك..
سامِحينا يافلسطين .. كنا إذا أُهدر دم طفل من أطفالكانتفضت الشعوب المسلمة بالتنديد والتهديد والوعيد.. ولكننا اليوم لا نشعر بالألمإلا بوخز المجازر، كأن قتل مسلم واحد لا يُعد مجزرة.. ولا يعتبر في مصطلح أهل هذاالزمان قتلا، نحن ننتظر المجازر يا فلسطين كي نضع العلم اليهودي تحت أقدامنا فيأعظم موقف من مواقف الشهامة والشجاعة والبطولة في عصر الذلة والمهانة .. ننتظرحذاءً يرتطم بالجدران الصماء كي يوقظ حاسة السمع لدينا.. ننتظر المجازر يا فلسطينلكي ننتفض لحرق أعلام ورايات العدو..
كنت يا فلسطين : فلسطين "رام الله" و"يافا" و"الخليل" و "جنين" و"حيفا" و"بيسان" و"طبرية" و"عكا" و"الناصرة" و"نابلس" و"طولكرم"...فأصبحت فلسطين "غزة" فقط .. حتى جسدك الضعيف المثخن بالجراح مزقته يدالتآمر والكيد العالمي ..فنسينا فلسطين الوطن المحتل ودارت الأنظار وتحولت الأبصارإلى غزةالمحاصرةالمكلومة الجريحة فما أعظم مصيبتنافيك يا فلسطين ..
لقد تخلى عنك القريب والجار والحبيب .. وتركوك نُهبة للأعداء، وصفقة للمساومات، وواجهة للاستعراضات ..وسلعة رائجة للانتخابات..
سامِحينا يافلسطين.. إن أكثر ما يهمنا اليوم هو"أوباما" و"رولاندو" و"الأهلي" و"مسلسل نور" والتحضير "لأعياد الميلاد" كي نتبادل الورود ونطلق البارود... وتهتز الأجساد الميتةعلى جراحاتك وجماجمك يا فلسطين ...
سامِحينا يا فلسطين.. إننا لا نملك شيئا،نرفع به ذل الهزيمة ونزيح به عار الفضيحة ... فقد حبسنا العذر .. فقد كبّلتناخطايانا وأسرتنا ذنوبنا،فشلّت أيدينا .. ولكن لا نبخل بالدعاء لك والتعريف بقضيتك ..
فاللّهم إنّا نشكو إليك ضعف قوّتنا، وقلّة حيلتنا، وهواننا على النّاس ياأرحم الرّاحمين .. إلى من تكلنا ؟ إلى عدوّ يتجهّمنا ؟ أم إلى قريب ملّكته أمرنا ؟إن لم تكن ساخطا علينا فلا نبالي، غير أنّ عافيتك أوسع لنا .. نعوذ بنور وجهكالكريم الّذي أضاءت له السّموات والأرض، وأشرقت له الظّلمات، وصلح عليه أمر الدّنياوالآخرة أن يحلّ علينا غضبك، أو ينزل علينا سخطك، لك العتبى حتّى ترضى، ولا حول ولاقوّة إلاّ بك .
(( اللهمّ إنهم حفاة فاحملهم اللهم إنهم عراة فاكسهم اللهم إنهمجياع فأشبعهم ))
أعجز الناس من عجز في الدعاء وأبخل الناس من بخل بالسلام
ساميحينا يا فلسطين لاننا تنشاجر من كرة منفوخة لن تذهب معنا الى القبر نجعل من اخوتنا اعداء لنا و ننسى الاعداء الحقيقيين اليهود الذي اسطوطنوك و اسطوطنوا ارضك الطاهرة..........
ساميحينا.................